موسيقيان سوريان يحميان تراث وطنهما من الإندثار و يعزفان للحنين إلى الوطن في يوم اللاجئ العالمي

موسيقيان سوريان يحميان تراث وطنهما من الإندثار و يعزفان للحنين إلى الوطن في يوم اللاجئ العالمي

غازي عنتاب ـ «القدس العربي»: الموسيقى لغة الروحِ وترجمانه، تعبر عن عالمِ الوِجدان، وأسمع موسيقيان سورييان الأتراك صوت وجدهم وحنينهم إلى الوطن في ساحة الديمقراطية في غازي عنتاب التركية في يوم اللاجيء العالمي، حيث لم تمعنهم ظروف اللجوء من مواصلة إبداعهم المعبر عن أصالة الفن السوري والحلبي خاصة، حين أقيم على هامش فعالية معرض معلومات أقامته منظمة»ميرسي كور» حفل موسيقي جمع العازفين الاستثنائيين إبراهيم مسلماني، وأيمن جسري .
قدم إبراهيم عازف الإيقاع وأيمن عازف العود مقطوعات موسيقية مميزة من التراث الموسيقي الحلبي، وأخرى تمثل تراثا عثمانيا مشتركا ما بين سورية وتركية.
أيمن جسري وإبراهيم مسلماني هما من الوجوه البارزة في الساحة الثقافية والفنية السورية بشكل عام، والحلبية بشكل خاص، يشتركان أيضا بأنهما اهتما بالموسيقى في سن مبكرة جدا، فكلاهما ينحدر من عائلات مهتمة بالثقافة والفن، مارسا نشاطهما الفني على الأرضي السورية طويلا، وأيضا في دول عدة، ولكن ظروف الحرب المندلعة على الأرض السورية منذ ما يقارب السنوات الأربع؛ اضطرتهما إلى مغادرة سورية إلى غازي عنتاب التركية.
إبراهيم مسلماني هو صاحب مشروع نهضوي موسيقي، أصر على إيصال الأمانة التي علمه إياها موسيقيو حلب الكبار، تلك الأعمال الموسيقية النادرة التي لا يعرفها الأغلبية من الموسيقيين، أو لا يهتمون لسبب أو لآخر بإيصالها للأجيال القادمة. إبراهيم عازف إيقاع من مواليد حلب 1992، نشأ في عائلة لها اهتمام بالإنشاد فوالده كان منشدا، كانت بدايته في العام 2003 مع أخيه الأكبر محمد مسلماني فتلقى عنه أصول ضرب الإيقاع، وبدأ يعمل مع فرق الإنشاد كعازف إيقاع، وفي العام 2006 انتقل إلى جمع التراث الموسيقي الديني منه والغنائي حيث اهتم بالبحث عن الموروث الشفهي، والنوادر من الموشحات والإيقاعات والمخطوطات الموسيقية، وتتلمذ على أيدي كبار الأساتذة والموسيقيين من الأسماء البارزة في مدينة حلب، اشتهر إبراهيم بأنه وفي سن مبكرة جدا رافق فرقة المنشد الشهير حسن حفار إلى باريس كعازف إيقاع.
وفي العام 2009بدأ إبراهيم مسلماني مشروعه الموسيقي النهضوي بعيدا عن الشائع من الموروث الفلكلوري، وقام بتأسيس فرقته» نــوا» لإحياء ونشر الموروث الشفهي للموشحات والقدود الدينية، والغزلية، وإنشاد فصول الذكر لتوثيقها وحفظها من الضياع، وشارك بفرقته» نــوا» في العديد من الفعاليات الموسيقية في سوريا وخارجها، كما شارك في الفلم الوثائقي»وجــد» للمخرج الكندي السوري عمار شبيب.
في العام 2014 صدرت لفرقتة « نــوا» بالتعاون مع شركة الإنتاج الأمريكية»Lost Origin Productions» أسطوانة بعنوان»إبتهالات صوفية قديمة وأغاني منسية من حلب»؛ وبهذا استطاع تحقيق جزء كبير من حلمه بالحفاظ على التراث الموسيقي النادر من الاندثار وإيصاله إلى الملايين، وشارك كعازف وعضو مؤسس في فرقة «دوبامين» للجاز الشرقي، وفرقة «خيال» للموسيقى التركية السورية، كما شارك في العديد من ورشات العمل الموسيقية والحفلات مع موسيقيين عرب وأجانب كان منها: ورشة عمل موسيقية وحفلة مع فرقة كريس بايرز» «Chris Byars للجاز من نيويورك، ومع طلاب وأساتذة من«معهد كاليه» للموسيقى من فرنسا، وثلاثي«أوديته» من ألمانيا، كما شارك الفنانة الفلسطينية سناء موسى.
اهتم إبراهيم بصناعة آلة الدف، وصنع عدة نماذج صدر معظمها لفرنسا، ويدرس الآن الإخراج السينمائي والتلفزيوني في جامعة غازي عينتاب/تركيا، وقد التقت»القدس العربي» إبراهيم وسألته عن سبب اختياره لدراسة السينما في عنتاب، وأجاب بالقول: «أريد أن أخدم الموسيقى من خلال السينما، لأقدم أفلاما موسيقية سينمائية، ولذلك أصررت على أن أمتلك أدوات السينما حتى أستطيع نقل الموسيقى بأسلوب السينما».
وأجاب عن سؤال «القدس العربي» حول أبرز التحديات التي واجهت الفرقة بعد الحرب بالقول: توزع أفراد الفرقة الموسيقية على مناطق جغرافية بين تركيا وغيرها، اجتماعها لإقامة الحفلات والمشاركة في المهرجانات بات أمرا صعبا، ولكن هناك خطة للمشاركة بمهرجان قادم للموسيقى الصوفية.
أما عن رؤيته للمستقبل فيقول إبراهيم «لا أرى أي مستقبل دون وطني أو خارجه، و لذلك أصررت على الانتقال إلى أقرب مكان ممكن من حلب، حيث أنني أعرف أنني خلال ساعة ونصف أستطيع الوصول إلى قلب مدينتي التي أعشقها».
وأيمن جسري هو عازف عود من سورية، مواليد حلب 1979، يجمع أيمن بين التحصيل العلمي العالي، والإبداع الموسيقي، أخذ الموسيقى عن الأستاذ محمد سيف الدين زين العابدين، وأيمن ليس موسيقيا، فحسب بل هو فنان في ميدان آخر هو الهندسة المعمارية، بالإضافة إلى حصوله على إجازة في الأدب الإنكليزي من جامعة حلب.
عمل أيمن أستاذا لآلة العود، ونظريات الموسيقى الشرقية في المعهد العربي في حلب، والمعهد العالي للموسيقى في دمشق، وهو الآن أستاذ آلة العود في كونسيرفتوار مدينة غازي عينتاب التركية، أقام العديد من أمسيات العزف المنفرد والحفلات الموسيقية داخل سورية وخارجها كان أهمها في فرنسا و بغداد.
إبراهيم مسلماني وأيمن جسري موسيقيان سوريان من جيل يصر على حفظ جذوره وانتمائه لوطنه، عبر شغفه بالموسيقى رغم قساوة الحياة في ظروف اللجوء.

نور ملاح

 

Post your comment

كنز ينتظر بريقه..الموشحات الحلبية…
لقاء إذاعي مع مدير مؤسسة نفس للثقافة والفنون الأستاذ Ibrahim Muslimani